قصة الرهان لأنطون تشيخوف
قصة الرهان لأنطون تشيخوف
هل سبق و تخيلت أن المزاح مع صديقك ممكن يتطور لتحدي ويكون سبب بخسارة كل ما تملك ؟
هذا الذي حدث في قصة اليوم ، أعطوني تركيزكم وهيا لنبدأ ...
قصة اليوم بتقول أنه بعام 1985 كان هناك رجل أعمال اسمه أسعد ، وأسعد هذا مليونير حرفياً كان عنده قصر فخم وشركات وثروة تقدر بأكثر من مليون دولار وبيوم من الأيام كان المليونير أسعد يدعو اصدقاءه للعشاء ، رياض ، طالب، ويحيى
و بعد الانتهاء من العشاء ، جلس الاصدقاء ليتبادلوا الأحاديث بينهم ، وخلال السهرة سأل أسعد أصدقائه. .
برأيكم أيهم أصعب على الإنسان عقوبة الإعدام أو عقوبة السجن المؤبد ؟
بالبداية رياض و طالب كانوا محتارين بس يحيى بما أنه محامي كان عنده خبرة بهالمجال فكان برأيه بأن الإعدام أصعب بالتأكيد من السجن ، بس أسعد كان عنده رأي مختلف لأنه يعتقد أن السجن المؤبد أصعب بكثير من الإعدام ، وبعدها دخل أسعد ويحيى في جدال حاد ، وصار كل شخص يدافع عن وجهة نظره بقوة ، أسعد متمسك بفكرة أن السجن المؤبد أصعب و بأن الإعدام عقوبة سهلة لأنه بخلي الإنسان يرتاح من كل العذاب خلال ثواني ، أما السجن المؤبد يجعل الإنسان كل يوم يموت ألف موتة ، أما المحامي يحيى فكان متمسك بفكرة أن الإعدام أصعب من المؤبد لأنه من وجهة نظره مهما كانت ظروف السجن قاسية ومهما كان السجن مظلم و موحش ، تبقى الحياة غالية والروح ثمينة ، بالإضافة للأمل اللي يجعلك تفكر أنه ممكن يتغير الحكم أو يتخفف و تطلع بعفو عام مثلا ...
و بعد احتدام النقاش بين المليونير أسعد والمحامي يحيى
وبعد الأخذ والعطى ، وجه أسعد ليحيى سؤال و هو :
إنك لو ارتكبت جريمة وخيروك بين عقوبة الإعدام والسجن المؤبد فماذا سوف تختار؟
فكان جواب يحيى بأنه أكيد رح اختار السجن المؤبد و لن اقول لهم تعالوا أعدموني .
الجواب على ما يبدو استفز المليونير أسعد و قال ليحيى انت تقول مثل هذا الكلام ، لأنك لم تجرب السجن بس لو جربته أنا متأكد إنه من رابع أو خامس سنة سوف تطلب الإعدام لترتاح من عذاب السجن ووحشته ..
بس المحامي يحيى كان عنيد ومتمسك برأيه و قال لأسعد وهو يتحداه : أنا مستعد إنسجن 15 سنة ولا أفكر بالموت ولا حتى مرة واحدة !
بعدها عرض أسعد على يحيى أن يسجنه 15 سنة مقابل كل ثروته البالغة مليون دولار ، يحيى بالبداية كان مصدوم ، بس كما يقولون ( الطمع شين )..
العرض كان مغري وبالنهاية وافق على العرض بس أسعد كان شخص خبيث ومستحيل يفرط بثروته
بهالسهولة، فحط شروط صعبة للاتفاق :
أول شرط إن السجن رح يكون بقصر أسعد نفسه
ليبقى يراقبه دائما
و ثاني شرط إن طول فترة السجن ممنوع أحد يزور يحيى ولا حتى يشوف أحد
يعني أهله لو اشتاقو له ممنوع يراهم
والشرط الثالث وهو الأصعب ، إن يحيى له حرية الإختيار
يعني : عندما يريد الخروج من السجن بقدر يطلب من الحارس يفتح له الباب ويطلع بس بها الحالة هي بكون الاتفاق ملغي ، حتى لو طلع من السجن قبل نهاية المدة بربع ساعة!
بالمقابل كان في عند المحامي يحيى شرط أنه طول فترة السجن يتأمن له جميع الكتب اللي بطلبها ووافق أسعد و يحيى على كل الشروط وكتبوا بينهم ورق لكي لا يضيع حق احد ، وفعلاً بتاريخ 25 شباط عام 1985 ذهب المحامي يحيى لعند صديقه المليونير المتعجرف أسعد .
وسلم حريته بكل إرادته وكان أسعد قد جهز القبو بالقصر لحتى يكون سجن لصديقه يحيى طول الفترة اللي اتفقوا عليها وهي 15 سنة.
دخل يحيى القبو بعد ما ودع أصدقاءه رياض وطالب اللذين جاء ذكرهم ببداية القصة ، ومن هذه اللحظة رح يبدأ سجن يحيى اللي رح يستمر لمدة 15 سنة مقابل ثروة أسعد كلها !
المفاجأة
أول مشكلة بتواجه يحيى انه أسعد وضع له حارس للسجن بس ما كان حارس عادي للأسف كان الحارس ( أخرس ), وهذا من خباثة أسعد لأنه كان لا يريد ليحيى أن يتواصل مع أحد لأنه كان يستقصد أن يبقى عايش بوحدة بالإضافة على عذاب السجن ..
يحيى كان شخص محامي ومثقف و بيعرف كيف ينظم وقته ، فكتب برنامج لروتين يومه بحيث أنه ما يشعر بالملل ويبقى طول الوقت مشغول وأكثر شيء كان يملء وقته هو القراءة ، فجهز قائمة بالكتب والروايات التي يريد قرائتها, وقرر أنه يبدأ بالأدب الروسي مروراً بالأدب الأمريكي ثم الأسيوي والعربي وطبعا كل الكتب اللي كان يحتاجها كان يأمنها أسعد مثل ما اتفقو ومرّت أول سنة والثانية والثالثة والرابعة ، وصاحبنا يحيى لسه متمسك برأيه ، وانتهى من قراءة أغلب الإنتاج الأدبي والروائي خلال الأربع سنين، بس أسعد المليونير كانت حياته مثل الجحيم لأنه لم يتوقع أن يكون يحيى عنيد لهذه الدرجة والموضوع في مليون دولار يعني ليس
مزحة ..
أما يحيى فكان مستمر بكل الكتب ، و قرر أن يبدأ بتعلم اللغات بما أنه يجلس ، فطلب كتب لتعلم اللغة الفرنسية والألمانية لأنه يحيى كان يعرف الإنجليزي من أول ، و أخبرتكم أن يحيى كان محامي وجامعي.
و تمر السنين و تأتي السنة الثامنة و تأتي الصدمة معها وهي موت اخت المحامي يحيى ، أكيد سوف تتسائلو كيف عرف المحامي يحيى بخبر وفاة أخته
و هو مسجون .
المليونير أسعد عندما علم بوفاة اخت يحيى ،
قال جائت بوقتها و من خباثته بعث ليحيى ورقة النعي لداخل السجن مع الحارس الأخرس ، حتى ينصدم ولعل وعسى يخرج من السجن بإرادته.
يحيى عندما قرأ الخبر أكيد حزن حزناً شديداً و صدم ولكن صبر و لم يخرج من السجن ، و بقي متمسك برأيه ، وهو سبب سجنه الآن مسجون..
وبعد مرور هالسنوات بدأت تحصل مشاكل بين المليونير أسعد وزوجته لأن زوجته لم تكن راضية أن زوجها يرجع للصفر و يخسر ثروته ، فقررت أن تترك القصر لزوجها الذي دمّر حياته وتطلب الطلاق..
مفاجأة ..
و جاءت اللحظة المرتقبة ووصلنا لنهاية المدة المتفق عليها بين المحامي يحيى و المليونير أسعد و هي 15 سنة ..
و في اليوم اللذي يجب أن يخرج فيه يحيى من السجن ، جاء أصدقاءه رياض و طالب لقصر أسعد حتى يستقبلوا صديقهم بعد غياب 15 سنة ، وهو مسجون بإرادته طبعا ! ..
ولما وصلوا باب القبو المسجون فيه يحيى كان يتبقى لنهاية المدة ربع ساعة ، وكانت الصدمة الكبيرة عندما دخلوا و لم يكن يحيى موجود ...
- نعم يا أصدقاء يحيى خرج من السجن قبل نهاية المدة بربع ساعة فقط ! ،
والمفاجأة الأكبر هي أن يحيى كان قد ترك لأسعد رسالة على الطاولة ، وأكيد انتم الآن تريدون معرفة مضمون هذه الرسالة صح؟
والرسالة كانت :
" صديقي المليونير أسعد ، لم يكن هدفي عندما استضفتني في سجنك ، إلا النيل منك ومن ثروتك والحصول على هذا المبلغ الضخم الذي اتفقنا أن تدفعه لي عند انقضاء الخمسة عشر عاما ، وصبرت في تحقيق ذلك أعواماً طوال و لكنني قبل انقضاء الوقت كله بنصف ساعة قررت الانعتاق من سجني والانطلاق للحياة فقيراً معدماً ، لا أملك من حطامِ الدنيا قشّة واحدة ، ولا نصير لي فيها ولا معين.
إلا إنني خلال سجني لم يكن لي مؤنساً إلا الكتاب فأقبلت ألتهم الكتب التهاماً ، وكأنها غذاء وكساء وطعام وشراب ، حلّقت في غياهب الكون وفي مجاهل الطبيعة وفي مختلف الأمصال والأسقاع قرأت التاريخ والجغرافيا والفلسفة والطب والعلوم الإنسانية ، تبّحرت في التاريخ قديمه وحديثه وعجبت من مصائر الدول ، استغرقتني كتب الجغرافيا فإذا بي أطوف حول العالم، وأصعد الجبال وأهبط الوديان، وأتأمل صنع الله وأنا قابع في مكاني ، تعلّمت سبع لغات أجنبية حيّة وقرأت بواسطتها معظم التآليف الأجنبية واطلعت على الأداب الإنسانية والعلوم الكونية والروايات الأدبية والفنون العالمية تعرفت على إبداعات العقل البشرية أحببت ، كرهت ، سافرت ، حلمت ، عشت الحياة بكل تفاصيلها وما شعرت يوماً أنني مسجون أسير بل حرٌّ طليق أتجول كيف أشاء وأطير في أي سماء، وعرفت الله وسبّحت بحمده وصرت منه أقرب، أنا لم أخسر أنا الرابح بكل تأكيد ، لم تعد تهمني ثروتك ، وزاد احتقاري للمال، وأشكرك لأنك كنت سبباً في حصولي على كنوز المعرفة ، وداعا يا صديقي و ليهنأ كل بفوزه "
- تمت كتابته بواسطة samer barbar
3almqass©️
نرجو الاشتراك في قناتنا باليوتيوب:
القصة مرئية في قناتي :


التعليقات على الموضوع